وفاجأ ترامب الجميع إذ لم يكن خطابه عاديا أو تقليديا، فقد كان عرضا مشوقا من بدايته حتى النهاية، وأهنئ هنا الفريق الذي أعد الخطاب (العرض المشوّق)، فقد كان العمل احترافيا من أرقى مستوى، تخلّلته الكثير من المفاجآت.

وقد أكد الخطاب على استعادة أميركا لهيبتها، وهو ضرب من تحت الحزام للديمقراطيين وعهد باراك أوباما، كما فصّل ترامب إنجازاته في الشأن الاقتصادي، وبالتحديد خفض البطالة لكل فئات المجتمع الأميركي، وهذه نقطة في غاية الأهمية، إذ أن شعبية ترامب لدى الأقليات في ارتفاع، نتيجة انخفاض نسبة البطالة لدى السود واللاتينيين وأصحاب الاحتياجات الخاصة.

كما ركز ترامب على إنجازاته فيما يتعلق بالجيش، من ناحية دعم ميزانية التصنيع العسكري، وتطوير الخدمات اللوجستية وخدمات المتقاعدين العسكريين، وهذا أمر يثير حماس الجمهور المحافظ، القاعدة الصلبة لترامب.

ولم ينسَ ترامب الحديث عن دعمه لامتلاك السلاح، فاللوبي الداعم لذلك في منتهى القوة، ودعمه لأي رئيس يعتبر أمرا مهما.

وفي ما يتعلق بالعرض، فقد برع ترامب وفريقة في إضفاء لمسات في منتهى الإثارة، إذ تحدث عن جنرال متقاعد، يتجاوز عمره مئة عام، وكان حاضرا في القاعة، وتخيّل مدى الإثارة، عندما يشير الرئيس إلى شخص حاضر، ثم يبدأ في الحديث عنه، والكاميرا تتنقل بكل احترافية بين الرئيس وضيفه الجنرال، كما فعل مثل ذلك مع زوجة عسكري يعمل خارج أميركا، وكانت في القاعة مع أطفالها، ثم فاجأها ترامب ، وقال لها: "إن زوجك موجود معنا ، وعندما ظهر الزوج ببدلته العسكرية، ضجت القاعة بالتصفيق، وسط دموع الزوجة وفرحة أطفالها، في مشهد درامي مثير للغاية.

وقد كرّر ترامب في عرضه الخطابي مثل هذه المشاهد مع شخصيات أخرى، ومن المسلم به أن تأثير مثل ذلك يكون بالغا على المتلقي والمشاهد، خصوصا عندما تحدث ترامب عن مقتل جندي أميركي ، ثم قال إننا أخذنا بثأرك وقتلنا قاسم سليماني.

لقد كان كل شيء رائعا في تلك الليلة، عدا سلوك الديمقراطيين، فمن البروتوكول المتعارف عليه في واشنطن، أن يحترم الخصوم رئيسهم خلال خطاب حالة الاتحاد، لأنه ضيف عليهم، ولكن الديمقراطيين بالغوا في الاعتراض وعدم الاحترام، وختم كل ذلك سلوك رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي مزّقت خطاب ترمب، في مشهد لا يشبه الديمقراطية الغربية، بل يشبه برلمانات العالم الثالث، وأؤكد هنا على أنها ارتكبت خطأ جسيما، سيدفع الديمقراطيون ثمنه غاليا، إذ قد تكون بيلوسي مزّقت حظوظ حزبها في الانتخابات الرئاسية القادمة، إذ يبدو الأمر وكأنها تسخر من كل الأبطال، الذين تحدث عنهم ترامب في خطابه، كما تسخر من إنجازاته للشعب الأميركي، وأظن أن بيلوسي أدركت مدى فداحة الخطأ الذي ارتكبته، ولكن بعد فوات الأوان!