هنا تبرز الحاجة إلى بنيةٍ تحتيةٍ موازية لحقول ومصافي النفط، تتمثل في المناجم والمصانع الخاصة بهذه المعادن، وكادرٍ بشريٍّ مرن، بمقدوره الانتقال من استخراج ومعالجة النفط إلى نفس الدور لصالح البدائل التي تجود بها الأرض.

في الوقت الحالي، يقتصر نصيب المملكة من المعادن النادرة على كميات معقولة من أربعة أصناف، بحسب تقارير بعض مراكز أبحاث التعدين. فهنالك التانتالوم والنيوبيوم، الضروريان لاستقرار عمل مكثّفات الطاقة، التي تدير اشتغال التيار الكهربائي لطاقة مدينة كاملة وطاقة فلاش الكاميرا – وكل ما بينهما.

ويوجد أيضاً معدن الزركونيوم المقاوم للتآكل، والذي تستهلك المفاعلات النووية 90 في المائة من إنتاجه العالمي سنوياً لتجدد قدرتها على احتواء ومقاومة الإشعاعات. هذا بالإضافة إلى معدن الإتريوم، المهم لإنتاج الأسطح البصرية كالشاشات الملوّنة والمصابيح الحديثة، والمستخدم أيضاً في علاج بعض أنواع السرطان.

إذا قُدِّر لهذه المعادن أن تتوفر بكميات أكبر، ويتاح استخراجها بسهولة، فستكون هذه المرحلة الأساسية لتكوين صناعاتٍ مصاحبة، تتطور أكثر بتحوّل المتأهلين للعمل فيها من الكوادر الوطنية إلى أشكالٍ أعقد ومراحلٍ أبعد من الاستخدامات المصاحبة، والصناعات التحويلية للمنتجات النهائية المعتمدة على هذه المعادن.

هذه مسؤولية وطنية تجاه تنويع الاقتصاد، وكذلك تجاه جيلٍ يراد له أن يخرج من عباءة البيع الأولي للمواد الخام، وسوقٍ يراد لها أن تدفع أقل لمنتجاتٍ أغلى بأضعاف من مكوناتها التي تصدّرها إلى منتجيها، وبلدٍ آمنٍ لا يرغب وحلفاؤه في أن يصحوا جميعاً ذات يوم على كسادٍ نفطي لا منقذ منه، وإن كانت دعوة إبراهيم عليه السلام لا زالت تجلب الخيرات الوفيرة له، ولعلّ هذه النفائس منها.