حيث وكما في المرات السابقة، إبان تعرض المدينة لهجمات مماثلة، تتالت المواقف الدولية والعربية الداعمة، لإقليم كردستان العراق والمنددة بالاعتداءات التي تنفذها، ميليشيات طائفية مرتهنة لقوى إقليمية خارج الحدود.

ولعل اللافت والمعبر هذه المرة، صدور بيان مشترك بين وزارتي الداخلية الاتحادية في بغداد، والإقليمية في أربيل، حول الاعتداء الإرهابي ما يشكل خير رد على المعتدين والواقفين ورائهم، سيما وأن البيان المشترك أشار صراحة إلى أن هذه الاعتداءات الخطيرة التي حصلت مؤخراً ضد أربيل ومناطق أخرى، تقع ضمن الاعتداءات الإرهابية المنظمة، التي تستهدف أمن العراق ومن ضمنه أمن إقليم كردستان، وزعزعة السلم الاجتماعي ومحاولة زرع الفتنة وخلط الأوراق، وأن هذه الاعتداءات تأتي في محاولة يائسة لضرب التطورات الايجابية التي حصلت في العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، خصوصاً على صعيد التنسيق الأمني عالي المستوى.

ولتعكير الأجواء والمناخات الايجابية التي تولدت في البلاد، بعد حلحلة المشكلات بين بغداد وأربيل، سيما مع تمرير قانون الموازنة العراقية العامة، وتثبيت حصة إقليم كردستان العراق فيها، بعد الاتفاق الذي تم بين الطرفين، حول اقرار الموازنة.

يبدو واضحا تماما والحال هذه، أن ثمة جهات إقليمية معروفة لا تريد الاستقرار للعراق، ولا تكريس التفاهم الداخلي في البلد بين مكوناته، سيما على صعيد العلاقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.

وهذه القوى الإقليمية سرعان ما تعمل على تحريك بيادقها، وأدواتها المحلية العراقية، في وجه التقارب الايجابي والواعد الحاصل بين بغداد وأربيل، والذي يسهم بداهة في تكريس الدمقرطة، والاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في بلاد الرافدين، وما يسهم بدوره في تجفيف منابع ومصادر الهيمنة الإقليمية على البلاد.

وفي هذا السياق تحديدا، يمكن فهم وقراءة هذه الاعتداءات الإرهابية المتوالية على إقليم كردستان العراق، وعاصمته على وجه الخصوص، فقبيل زيارة قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس التاريخية، للعراق وللإقليم، بداية شهر مارس الماضي، بادرت الميليشيات الطائفية المتمردة على سلطة الدولة العراقية، بتكثيف تحركاتها التخريبية مستهدفة إقليم كردستان العراق، بهجمات صاروخية طالت آنذاك، ولأول مرة مناطق سكنية في عمق العاصمة أربيل.

وها هو المشهد يتكرر خلال فترة أقل من شهرين، حيث الاستهداف هذه المرة عبر طائرات مسيرة، بمعنى أن الواقفين وراء هذه الهجمات الإرهابية، يريدون ايصال رسالة للجهات المعنية في كردستان والعراق، والأهم في الولايات المتحدة الأميركية، مفادها أن ثمة تصعيدا كميا ونوعيا خطيرا، في أشكال وآليات ووتيرة الاستهدافات، للمصالح الوطنية والدولية في العراق وفي إقليم كردستان، خاصة وأنها تأتي بعيد أيام من إعلان مخرجات الجولة الثالثة للحوار الاستراتيجي الأميركي - العراقي.

ولعل من المفيد الاشارة هنا، تدليلا على الكبير الذي تمثله الهجمات الإرهابية عبر الطائرات المسيرة، إلى ما تتعرض له مثلا المملكة العربية السعودية، من اعتداءات إرهابية بمثل هذه الطائرات، من قبل الحوثيين اليمنيين، ولا عبقرية بطبيعة الحال في التنويه إلى حقيقة، أن راعي الحوثيين والميليشيات الطائفية العراقية هو الطرف عينه لا غير.