وتتولى تمثيلها في الخارج الدولة الحامية أو المتبوعة أو الوصية أو القائمة بالإدارة لهذه الأقاليم، ويثبت للدولة الحق في ممارسة التمثيل الدبلوماسي كنتيجة لما تتمتع به من سيادة، واستعمالها لهذا الحق يعد مظهراً من مظاهر سيادتها، وتأكيدا لوجودها القانوني ولاستقلالها في مواجهة الدول الأجنبية الأخرى.

لقد تَطورت القواعد العُرفية المُنظِمة لهذه العلاقات بين الدول ذات السيادة، لتصبح من أكثر قواعد القانون الدولي ثبوتا وغير متنازع عليها، وتم تقنينها في عدد من المعاهدات الدولية، أبرزها اتفاقية فِيينّا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، وبالنظر لجلال مهمة الوظيفة الدبلوماسية في توطيد العلاقات بين الشعوب، فقد أقرّت محكمة العدل الدولية في عام 1980 في قرارها التاريخي في قضية الرهائن الدبلوماسيين الأمريكيين في إيران: " أن القانون الدولي ذاته تأسس على العلاقات الدبلوماسية بين الدول “.

جَليٌ أنه ليس ثمة التزام قانوني بأن توفد الدول ممثليها الدبلوماسيين إلى الدول الأجنبية وتقبل في الوقت ذاته مبعوثي الدول الأجنبية الدبلوماسيين، بيد أن رفض الدولة إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى مؤداه انزوائها وبقائها خارج نطاق جماعة الدول وهو ما  ليس في صالحها إطلاقًا، ويعوق ارتقاءها وتدعيم مركزها الدولي، أمّا قطع العلاقات الدبلوماسية فيعد أحد أخطر الوسائل التي تعبّر عن مدى ما آلت إليه العلاقات بين دولتين أو دول معينة من تدهور، ذلك أنه يؤدي إلى إنهاء العلاقات الودية التي كانت تسود بينهم، وهو عمل سيادي منفرد الجانب، وهو تعبير عن الاختصاص التقديري للدول السيدة، يؤدي إلى انتهاء البعثة الدبلوماسية الدائمة .

إن الإبعاد المتبادل أو غير المتبادل لبعض الممثلين الدبلوماسيين، وقطع العلاقات القنصلية، والتجارية، والجوية، والبحرية، والبريدية، لا تشكل إطلاقا حالات لقطع العلاقات الدبلوماسية، ولا تُنتج أي من الآثار القانونية التي يُنتجها قطع العلاقات الدبلوماسية، وفي ذات الوقت، لا يوجد التزام على الدولة السيدة في أن تُسبب إعلانها في قطع العلاقات الدبلوماسية والذي يعد تعبيرا عن الاختصاص التقديري الانفرادي للدولة، ولكن في الغالب فالدولة تقصد من تسبيب قرارها الحصول على أكبر قدر من الدعم الدولي..

جَلي أن أي مبعوث دبلوماسي لا يدخل إقليم الدولة المضيفة لمباشره مهامه الرسمية، إلا بعد أن  يتم اعتماده بواسطة حكومة الدولة المضيفة، وتَعنِي موافقة الدولة المضيفة تمكين المبعوث الدبلوماسي المعنى من ممارسة وظائفه الدبلوماسية على اقليم الدولة المضيفة، وتمتعه بالامتيازات والحصانات التي تفتضيها الوظيفة الدبلوماسية ، وبِرَغم ذلك يلتزم المبعوث الدبلوماسي باحترام ومراعاة قوانين وأنظمة الدولة المضيفة ، وعدم التعسف في استعمال امتيازاته وحصاناته الدبلوماسية ، فإن لم يلتزم بذلك وتجاوز حدود السلك الدبلوماسي جاز للدولة المضيفة في ضوء اتفاقية  فيينا، إمّا أن  تطلب من دولته المُوفدة التنازل عن حصانات ذلك الدبلوماسي و استدعائه، وإمّا  أن تُعلن الدولة المضيفة أنه شخص غير مرغوب فيه.

تتعلق  الماده32 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بالتنازل عن الحصانة القضائية ، كما تتعلق المادة 41 بضرورة التزام المبعوث الدبلوماسي بمراعاة واحترام  المبعوث الدبلوماسي قوانين و انظمة الدولة المضيفة، و تؤكد الممارسة الدولية أن مسالة تحديد ما اذا كان المبعوث  الدبلوماسي أصبح شخصا غير مَرغوب فيه ترجع الى السلطة التقديرية لحكومة الدولة المضيفة  التي تُعتبر وحدها القاضي في هذا الصدد ، فاذا أعلنت الدولة المضيفة مبعوثا دبلوماسيا شخصا غير مرغوب فيه يجوز أن تعلن عن ذلك للدولة الموفدة في جميع الأوقات ودون بيان اسباب قرارها، ويترتب على هذا الاجراء التزام خاص على الدولة الموفدة يتمثل في قيامها حسب الاقتضاء اما باستدعائه أو بأنهاء  مهمته  في البعثة الدبلوماسية.

حين ترفض الدولة الموفدة خلال فترة معقولة من الزمن الوفاء بالتزاماتها هذه المترتبة بموجب نص المادة التاسعة من اتفاقية فيينا ، يجوز في هذا الحالة  للدولة المضيفة أن ترفض الاعتراف بالمبعوث المعني فردا في البعثة الدبلوماسية، ونتيجة لذلك يفقد هذا المبعوث جميع امتيازاته وحصانته المقررة له بموجب الاتفاقية ، ويحق للدولة المضيفة طرد المبعوث المعنىو في حالات معينة،

وعند عدم إعلان المبعوث الدبلوماسي شخص غير مرغوب فيه، يُمكن للدول المضيفة أن تُقدم تقارير حول الأعمال التعسفية التي ارتكبها المبعوثون الدبلوماسيون، أو أفراد أسرهم الى رئيس البعثة الدبلوماسية المعنى الذي يقوم من جهته باستدعاء المبعوث المعنى أو انهاء مهامه.

إن الدولة المضيفة غير ملزمة بإبداء أسباب رفض قبول الشخص المُزمع اعتماده من قبل الدولة الموفدة غير أنه في بعض الحالات قد تتعسف الدولة المضيفة في استعمال حقها المنصوص عليه في نص المادة التاسعة من اتفاقيه فيينا، السابق الإشارة إليه، وذلك بإعلانها أحد افراد البعثة الدبلوماسية شخصا غير مرغوب فيه دون سبب، أو حجة غير مقنعة، أو على اساس انتقامي، كما تواتر ذلك في حقبة الحرب الباردة، أو كما يحدث الآن بين العَدُوين اللدُوَدين، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية.

نافل القول، تتردد الدولة المضيفة أحيانًا في إعلان مبعوث دبلوماسي ما شخصا غير مرغوب فيه خوفا من الانعكاسات التي قد تنجم عن هذا الإجراء أو النتائج السلبية التي قد تترتب عليه، وخَشية أن يُحيق ذلك خطرا بالعلاقات الدبلوماسية بين الدولة الموفدة والدولة المضيفة.