وهي الإدانات التي صدرت حتى الأن من نحو 88 دولة وأكثر من 18 منظمة دولية، فيما يشبه إجماعا دوليا نادرا على إدانة فعل إرهابي ما، ومن كافة الأطراف الفاعلة دوليا وإقليميا والتي أعربت عن تضامنها مع دولة الإمارات "أمام كل ما يهدد أمنها واستقرارها" والتي اعتبرته دولا عدة تهديدا لأمن واستقرار المنطقة بأكملها.

هذا الإعلان أيضا جاء استجابة مباشرة لجهود الدبلوماسية الإماراتية التي تحركت بعد الحادث بسرعة وذكاء وفاعلية وعلى أكثر من جبهة في ذات الوقت، وتحديدا جبهتي نيويورك وواشنطن، ففي نيويورك قدمت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة رسالة إلى النرويج رئيسة مجلس الأمن لشهر يناير، تطلب فيها عقد اجتماع للمجلس بشأن هجمات الحوثيين الإرهابية على أبوظبي، ودعت مجلس الأمن إلى إدانة هجمات الحوثيين بشكل قاطع وبصوت واحد والانضمام إلى الإدانة الحازمة والقاطعة لهذه الهجمات الإرهابية التي شُنّت في تجاهل تام للقانون الدولي.

وفي واشنطن دعا سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة أمس الإدارة الأميركية والكونغرس إلى دعم إعادة تصنيف جماعة الحوثي كـ"منظمة إرهابية أجنبية".

وهي الدعوة التي أعقبتها اجتماعات مع مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان، ومسؤولي الإدارة الأميركية في البيت الأبيض وكبار المشرعين في الكونغرس بصحبة علي الشامسي، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني الإماراتي.

ويبدو هنا جليا أن إعلان بايدن أن إدارته تبحث إعادة تصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية جاء استجابة مباشرة للجهود الدبلوماسية الإماراتية المكثفة في واشنطن، وأتمنى ألا تطول عملية البحث هذه التي أعلن عنها بايدن وأن تتخذ الإدارة الأميركية قرارها سريعا، وسريعا جدا، لأن المنطقة أصبحت على صفيح ساخن وأي تماطل أو تأخير قد يخرج الأمور عن نطاق السيطرة،  خاصة أن الساحة الداخلية وأروقة السياسة الأميركية لا سيما داخل الكونغرس مهيأة لاتخاذ هذا القرار، الذي تحول أيضا لمطلب داخلي أميركي منذ نوفمبر الماضي بعد اقتحام الحوثيين للسفارة الأميركية في صنعاء ونهب محتوياتها واختطاف نحو 25 من العاملين فيها،  وهو ما أدى إلى تنامي الأصوات الغاضبة داخل الولايات المتحدة وتحديدا من داخل الكونغرس التي تتهم الإدارة الأميركية الحالية بفشل التعاطي مع الملف اليمني وأن عملية اقتحام السفارة الأميركية أظهرت ضعف الولايات المتحدة تجاه أعدائها، وأدانت شطب إدارة بايدن جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، وطالبت بإعادة إدراجها مرة أخرى.

لأن إعادة تطبيق القرار يعني فورا حظر دخول أعضاء هذه المنظمة الإرهابية ومن يرتبطون بها إلى الأراضي الأميركية وإمكانية ترحيل من يعملون لصالحها من المهاجرين من الأراضي الأميركية، وتجريم تمويل أي مؤسسة أو شركة أميركية أو أفراد أميركيين لأي أنشطة متعلقة بهذه المنظمة وتجريم أي معاملات مالية قد تجريها البنوك الأميركية معها، وتجميد أي أرصدة سائلة أو ممتلكات وأصول ثابتة لها في الولايات المتحدة إن وجدت وإقليميا من شأن هذه الخطوة أن تحجم من خطر إيران ومشروعها بتحجيم أهم ميليشياتها، لأن التصنيف سيسهم بلا شك في وضع حد لأعمال هذه الميليشيا الإرهابية وداعميها وتحييد خطرها ووضع حد للانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها ضد الشعب اليمني، وإيقاف تزويد هذه المنظمة الإرهابية بالصواريخ والطائرات دون طيار والأسلحة النوعية والأموال لتمويل مجهودها الحربي ولاستهداف الشعب اليمني وتهديد الملاحة الدولية ودول الجوار، ومن شأن هذه الخطوة أيضا أن تسهل عملية إحلال السلام في اليمن، لأنه ستؤدي لدعم وإنجاح الجهود السياسية القائمة وستجبر قادة الميليشيا الحوثية على العودة بشكل جاد لطاولة المشاورات السياسية بعد أن لعبت خلال السنوات الست الماضية دورا رئيسيا في عرقلة كافة الجهود الهادفة للتوصل إلى سلام دائم وحل سياسي يحفظ، الجمهورية اليمنية وحدتها وسلامة أراضيها ويحفظ لدول الجوار أمنها واستقرارها.

إذا الساحة الداخلية الأميركية ميهأة لاتخاذ هذا القرار وستكون مرحبة به بكل تأكيد، كذلك الساحتين الدولية والإقليمية بعد وصول الإرهاب الحوثي إلى العاصمة الإماراتية ومن قبلها العاصمة السعودية، وهم من أهم حلفاء واشنطن في المنطقة، وبالتالي تبقى الكرة في ملعب الإدارة الأميركية، خاصة أن الإدارة التي سبقتها سهلت مهمتها عندما اتخذت القرار الأول قبل أيام من انتهاء ولايتها ووفرت وقتها كل الحجج المنطقية والأسانيد والمبررات اللازمة لاتخاذ هذا القرار باعتباره  يهدف إلى "تعزيز الجهود للوصول إلى يمن موحد وذي سيادة بعيدا عن التدخل الإيراني وفي سلام مع جيرانه".

كما "يوفر أدوات إضافية لمواجهة النشاط الإرهابي والإرهاب الذي تمارسه جماعة أنصار الله"، كما يهدف إلى تحميل جماعة أنصار الله المسؤولية عن أعمالها الإرهابية، بما في ذلك الهجمات العابرة للحدود التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والنقل البحري التجاري.

فانقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة ومؤسساتها وعلى المجتمع اليمني ونسيجه الاجتماعي أشعل شرارة العنف والفوضى وأدى إلى تدهور الوضع الإنساني في اليمن، كما أزالت الإدارة الأميركية وقتها بعض المخاوف المرتبطة بالقرار التي أثارها البعض وقتها بشأن وصول المساعدات الإنسانية لليمن بعد القرار الأميركي، حيث كانت منظمات الإغاثة تخشى من أن يؤدي التصنيف إلى تجريم عملها في بلد يرزح شعبه تحت وطأة الفقر والإرهاب، ويعتمد نحو 80 بالمئة منه على المساعدات، وهي المخاوف التي قام وزير الخارجية الأميركي وقتها مايك بومبيو بتبديدها بتعهد بلاده اتخاذ تدابير للحد من انعكاسات التصنيف على بعض النشاطات والإمدادات الإنسانية" مثل الغذاء والدواء، مؤكدا استعداده للعمل مع مسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وغير الحكومية للحد من عواقب القرار على السكان.

وزارة الخزانة الأميركية أيضا دخلت وقتها على خط التطمين باستمرار المساعدات الإنسانية وعدم تأثرها بالقرار بقولها إنها مستعدة لتقديم التراخيص وفقا لسلطاتها والتوجيهات ذات الصلة المتعلقة بالأنشطة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة في اليمن، بما في ذلك برامج المساعدة التي لا تزال أكبر من أي جهة مانحة، والأنشطة الرسمية لبعض المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.

أتمنى أخيرا أن يكون هذا القرار في حال اتخاذه بداية تحول في موقف الإدارة الأميركية حيال الأزمة اليمنية وإنهاء حالة التردد وضبابية الرؤية حيال ملف من أكثر الملفات تأثيرا على أمن واستقرار المنطقة.