أقول الأوفر حظا لما كان لهذه المحطة في مشواري المهني من أثر؛ فقد فتحت لي أبواب قراءة قطاع الإعلام العربي والدولي من تلة مشرفة، وفي كل مرة كان الإتيان على ذكر تجربة عملي في النادي سببا للفوز بفرصة عمل أخرى وتجربة جديدة، لما حققته هذه العلامة التجارية الإماراتية بامتياز من نجاح. كيف لا وقد ارتبطت برؤية قاهر المستحيل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

عندما قاد معالي محمد القرقاوي أحد رجالات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مشروع تأسيس مدينة الإعلام قبل أكثر من 20 عاما؛ وتمكنت دبي من صناعة نموذج استثماري فريد في المدن الإعلامية الحرة، لم تغب عن بال المخططين الحالمين أهمية "القوة الناعمة" المصاحبة لهذا الحضور الإعلامي على أرضها فقاموا بتوجيه من الشيخ محمد بن راشد بتأسيس نادي دبي للصحافة ليكمل ما بدأته مشاريع البنى التحتية الإعلامية  ببنية ثقافية موازية تستثمر بالمحتوى التي تنتجه آلات كبرى المؤسسات والشركات الإعلامية التي اختارت دبي مقرا إقليميا لها. لا يمكن لأحد أن يقيّم تجربة 20 عاما في مسيرة نادي دبي للصحافة دون الالتفات إلى الصورة الأكبر والأثر الأشمل لرؤيته وأهدافه.

بعض الآثار التي حققها النادي من خلال ثلاثية "منتدى الإعلام العربي" و"جائزة الصحافة العربية" وتقرير "نظرة على الإعلام العربي" لا يمكن قياسها سوى بالمشاركة وتقادم الزمن. فقد شهدت بأم عيني متطوعا بأحد مشاريع النادي الصغيرة صار قائدا اليوم في قطاع الإعلام،  وطالبة منحها النادي دورا في ورشة عمل صغيرة صارت مذيعة نجمة، وكاتبا أكاديميا مغمورا بالكاد يقرأ مقالاته أهله وأصدقائه صار اليوم من كبار المحللين والمستشارين على مستوى المنطقة العربية،  ومؤسسات غيرت سياساتها استجابة لنتائج دراساته، وشابا سمع به رئيس تحرير الصحيفة التي يعمل بها أول مرة عندما صعد إلى منصة تكريم جائزة الصحافة العربية، واستمر دولاب استكشاف المواهب إلى يومنا هذا. ولا أريد الخوض في تفاصيل معارك خلف الكواليس بين بعض المذيعين و"المؤثرين" للفوز بفرصة للتحدث ضمن فعاليات النادي أو حتى المشاركة لحضور إحدى فعالياته، فقد بات مقصداً ُملهما وسببا لتكريم تعبهم وعملهم في سعيهم للمكانة الإعلامية.

كمعظم مشاريع دبي، لم يكن أثر النادي حكرا على الأفراد في مجال الإعلام فحسب بل امتدت العدوى الإيجابية لتشمل دولا صديقة وغير صديقة، فشاهدنا نسخا طبق الأصل عن مشاريع ومبادرات نادي الصحافة تولد وتموت، بعضها أثار زوبعة اختفت في فنجان، وأخرى حققت نجاحات مميزة وغيرها حاولت الاستمرار تشق طريقها مثقلة بأعباء غياب الرؤية والأهداف والقيادة.

إن مرور عشرين عاما على نادي دبي للصحافة هي سبب للاحتفال؛ فقد ساهم هذا النادي تحت مظلة المكتب الإعلامي لحكومة دبي في قيادة قوى دبي الناعمة في أكثر من مناسبة؛ وساهم بتغيير حياة المئات من الإعلاميين إلى الأفضل، ورسخ ثقافة التكريم عبر جائزته التي صارت بمثابة النسخة العربية من "البوليتزر" وحافظ على شعار منصة تبادل الأفكار والتجارب في مشاريعه كافة، وحرص أن يتجدد مع القطاع، فصنع منصات للمؤثرين في العالم الرقمي وجائزة خاصة بهم وامتد بنشاطه ليؤسس ناديا رقميا موازيا لهم.  وتوج هذا الاحتفال اليوم اختيار جامعة الدول العربية دبي عاصمة للإعلام العربي؛ كيف لا وهي تحتضن أكثر من 35 ألفا يعملون في القطاع عبر 4 آلاف شركة تنتج محتوى وخدمات تصل إلى نحو مليار شخص حول العالم.

أُهنىء سعادة منى المري رئيس نادي دبي للصحافة وفريق عملها بهذا اليوم وأدعوهم للاستعداد للتميز في رحلة العشرية القادمة وتغييراتها الكبرى التي دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد "الأقوياء" أن يكونوا أهلا لها.