فبايدن رغم كل هفواته وسقطاته، يظل أفضل الموجود في قياسات الحزب، لأن له تاريخا طويلا في مجلس الشيوخ، علاوة على 8 سنوات قضاها نائبا للرئيس أوباما، وحينها عملت الآلة الحزبية بأقصى طاقتها على إعادة صياغة بايدن وتهذيبه، وساعدها في ذلك الإعلام المضاد لترامب، الذي أخذ يلمّع بايدن، ويغض الطرف عن هفواته الكارثية، ومن المعلوم أن الإعلام الأميركي له سطوة شرسة، ويستطيع شيطنة أي مرشح أو تلميع صورته مهما كانت سيئة، كما من المعلوم أن معظم الشعب الأميركي يسير في فلك الآلة الإعلامية الجبّارة، وينقاد لخياراتها بسهولة، خصوصا لدى الفئات الأقل تعليما، خصوصا الطبقة العاملة، أحد أهم شرائح الناخبين.

بعد الجهود التي بذلها الحزب والإعلام، انطلق جوزيف بايدن كالصاروخ، وفاز في ولاية جنوب كارولينا الجنوبية، ثم انتقلت عدوى الفوز لمعظم ولايات الجنوب، وما زال يكتسح، متقدما على خصمه الوحيد، برني ساندز، بعدد كبير من أصوات المندوبين، وساندرز مرشح له شعبية جارفة، خصوصا لدى الشباب والسيدات، وذلك نظرا لأيديولوجيته الليبرالية، وقدرته على الحشد والإقناع، ولكن الحزب الديمقراطي لا يريد الرهان عليه، بسبب انتمائه لأقصى اليسار، وبسبب تصنيفه كاشتراكي، علاوة على أن بايدن يعد من أركان المؤسسة الرسمية في واشنطن، ويصنف على أنه وسطي، وهذه وحدها كافية ليراهن عليه الحزب، ففي أميركا، يصعب أن تفوز بالرئاسة، إذا لم تكن كذلك، ولكن ماذا عن هفوات بايدن، التي ازدادت وتيرتها مؤخرا، ما جعل كثيرين من المعلقين يطالبون بفحصه طبّيا، وهي المطالبات ذاتها، التي وجهت لترامب سابقا؟!

في أحد التجمعات الانتخابية، تناقش أحد العمال مع بايدن، وقد جرت العادة أن يدير المرشح النقاش بكل حكمة وأريحية، لأن هذه فرصة ذهبية يستطيع استثمارها لكسب هذه الشريحة، لكن بايدن تصرّف مع العامل بشكل عدواني غريب، في سقطة سيستثمرها الجمهوريون، وقبل ذلك كان قد خلط بين زوجته وابنته في مشهد أقرب للكوميديا، ثم ظهر في مقطع ثالث وهو لا يستطيع التركيز ولا التذكر، ولو لم يكن هو مرشح الحزب المفضل ومُدلّل وسائل الإعلام، ربما تم التفكير جدّيا في إعادة النظر في المراهنة عليه، ولكن حتى لو نجح الحزب في تسويقه الآن، فماذا سيصنع مستقبلا، في حال تأكد أنه هو المرشح الديمقراطي رسميا، وهو الأمر الأرجح، إذ حينها سيكون تحت مجهر الإعلام الشرس بشكل أكبر، وأمام خصم شرس يمتهن التنمّر، أي دونالد ترامب، والمؤكد لي من خلال متابعة هفواته، أنه يعاني مشكلة، وقد عُرضت هفوات بايدن على طبيب مختص، فأفادني بأنه: "ربما يعاني خللا في الوظائف الإدراكية، وهذا على الأرجح مرض دماغي"، وهذا هو ما أعتقده ويعتقده كثيرون من المعلقين، لكننا قد نكون على خطأ، فالديمقراطيون يراهنون عليه ليهزم ترامب، فلننتظر ونرى...!

حساب الكاتب على تويتر: amhfarraj@