ثقل ظلال المساومة التي سيلوح بها بوتن ضمنا أو صراحة جدير بالتكهنات، لأنه لا يمكن الحديث عن روسيا دون احتساب الصين وكوريا الشمالية وإيران كفريق ذي قدرة تأزيمية جيوسياسية كبرى متشعبة، ولا يمكن الحديث عن روسيا أيضا دون احتساب عضويتها في كتلة بريكس بثقلها وتضامنها الجيواقتصادي.

فإذا كان البديل لمسار (باب المندب-السويس) الملاحي  هو رأس الرجاء الصالح، فلا بديل لبحر الصين أمام سفن صادرات اليابان وكوريا الجنوبية العابرة لمضيق ملقة بمحاذاة سنغافورة، وإلا فالمحيط الهادئ أكبر محيطات الأرض ليس بذي جدوى زمنية ولا بيئية ولا مالية للشحن المستمر، هذا إن لم يوعز لكيم يونغ أون بإطلاق ساتر صاروخي كوري شمالي لعرقلة الملاحة بمحاذاة المحيط الهادئ وإشغال قاعدتي اليابان وغوام الأمريكيتين، ريثما تنجز الصين حصار بحرها أمام بضائع أقصى الشرق، أو حتى مهاجمة تايوان.

أما على الصعيد الأوروبي، فأوكرانيا نشطت تصنيع وبيع الأسلحة في دول عديدة، لكن حرب الوكالة الأمريكية-الأوروبية فيها تستنزف ميزانيات الحكومات الغربية لصالح مصانع أسلحتها على حساب شعوبها، والتي لا بد ستصوت على الهوى الأمريكي إذا عاد دونالد ترامب إلى الرئاسة وأوقف الدعم عن كييف، خاصة إذا توسط بوتن بين ترامب والصين جيواقتصاديا، وتوسطت الصين بين بوتن وترامب جيوسياسيا، وضاعت مساعي زيلينسكي، ومعها آمال أوروبية في اقتسام كعكة إعادة إعمار أوكرانيا (مهر شركة بكتل؟)

كذلك في الشأن البيئي، يقدم ترامب العوائد الاقتصادية للنفط على أمنيات لوبي مكافحة تغير المناخ، وهو ما يتطلب التفاهم مع طرفي ميزان أوبك بلاس، السعودية وروسيا، وخلف ترامب يقف ناخبون يحلمون بمعاودة العمل في بؤر التفتيت للنفط والغاز الصخريين، ويهمهم سعر النفط المربح بقدر ما يهم الأوبكيين.

من جانب آخر، لتهدئة سباق التسلح، وإلغاء الإيقاف المتبادل عن العمل باتفاقيات حظر الصواريخ النووية الباليستية ذات المدى المعين، يحتاج ترامب إلى تركيز جهود المجمع الصناعي العسكري في بلاده على تحديث الترسانات النوعية، الذي تأخر جانب ردعها النهائي (سلاح القيامة) عند صواريخ الحرب الباردة (مينيت مان 3)، بينما طور الروس والصينيون ما يفوقها في فترة تناهز الربع قرن من انشغال الأمريكان بالعبث في كابول وبغداد.

لذلك كله، وغيره كثير، ستكون هذه المقابلة مفصلية لحلفاء سيد الدوما وغرمائه.